الأحد, أكتوبر 27, 2024
Home » معالجة شرود الذِّهن

معالجة شرود الذِّهن

كتبه أبو عمر الأزهري

أثر المُداخلات على تشتُّت الحافظ

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

وبعد: فقد وجَّه إليَّ بعض الفضلاء سؤالًا مضمونه: أن لكثرة المُداخلات من الإشراف والتعليقات من المعلم أثر على تشتُّت الحافظ أثناء العرض؛ حيث ينسى الموضع الذي حصلت من خلاله أو من عنده المداخلة؛ مما يتسبب في رجوعه من أول السورة أو الحزب؛ لصعوبة التوصل إلى الموضع الصحيح؛ فكيف السبيل إلى السلامة من هذا؛ لما يُحدِثه من تضييع في الوقت، وهو لا يحتمل التفريط فيه؟.

وللجواب أقول: إن شرود الذهن أثناء العرض من أحد طرفي العملية التعليمية كفيل بوقوع كثير من الأخطاء في مضامين المعروض حفظا ولفظا وأداء؛ وقد تثبت هذه الأخطاء في اللسان بسبب عدم الانتباه إليه من قِبل المعلم، مع ضعف التركيز من الطالب؛ لذا أوصي الجميع برفع مستوى اليقظة والانتباه أثناء عملية العرض؛ رعاية لمقام الأمانة في نقل القرآن الكريم وعرضه.

ومن الحقوق المكفولة للطالب والواجب على المعلم والمشرف والمدير = التعليق على المعروض بما يتناسب من رد الخطأ، وتصويب النطق، وتصحيح الأداء، وتجلية الفوائد التي ينتفع بها الحافظ، وترك هذا النوع خيانة كبيرة لهذا الطالب، ورعايته من الواجبات التي يتفاوت الناس في تنفيذه؛ تبعا لتفاوتهم في إدراك الخطأ، وتحصيل المعرفة التي ينتفع بها وينفع بها الآخرين؛ ففاقد الشيء لا يُعطيه.

ومن خلال المطالعة الميدانية لمُجريات العملية التعليمية في المجموعات يظهر خلل أشار إليه السائل الكريم، ويتمثل في: (ضعف ملكة تذكر موضع الفصل الذي حصل منه القطع؛ بسبب انشغال الطرفين بمادة التعليق عن النص المقروء قبله).

ولمعالجة هذا يمكن اتباع ما يلي:
أولًا:
توصية الطرفين باصطحاب قلم ودفتر من أول اللقاء إلى نهايته بهدف تسجيل الفوائد المنثورة في ثنايا اللقاء من المخوَّلين بالمتابعة من مشرف ومعلم؛ فإن الفوائد فرائد لا تثبت إلا بالتقييد والكتابة؛ فليحرص الفضلاء على حفظ المعلومات بالتحرير والكتابة.

ثانيًا: توجيه الطرفين إلى كتابة موضع التوقف مع أول المُداخلة والتعليق؛ للرجوع إليه بالنظر في الدفتر عند الفراغ من التعليق والرغبة في الاستئناف، فهذا يُيسِّر الوصول السريع إلى الموضع دون تقدم أو تأخر.

ثالثًا: تخصيص التعليق والمُداخلة بتوفُّر الحاجة الداعية إليهما؛ حرصا على اتصال الحفظ، وعدم تشتُّت الحافظ؛ كأن يقع في خطأ يحتاج إلى تعديل وتصحيح، أو يتوقف الطالب لطرح سؤال يستفهم فيه عن معنى، أو كيفية أداء، أو توجيه وقف وابتداء، وأما فاضل التعليقات، وما لا حاجة ملحَّة إليه فلا يُثقل المعلم مجلسه بما يمكن تركه.

رابعًا: ربط مضمون التعليق بالنص الموقوف عنده من المهارات التي تحتاج إلى دُربة وتعوُّد؛ فلا سبيل التذكر السريع بعد تعليق قد يطول زمنه إلا بمحاولة الطرفين تذكر رأس الآية، بأن يربط المضمون بالنص.

خامسًا: التأكيد على خلوِّ المجلس من فاضل الكلام، والحرص على عدم التطويل في التعليقات حفاظا على الوقت؛ فمن الناس من يدخل في مداخلة طويلة تستوعب كامل وقت الحافظ، ويتعجب الإشراف حين يتابع التقريرات فيظهر له قلة معروض الحافظ مقارنة بوقته، وهذا يُحدِث خللًا كبيرًا في نظام المجموعات.

وفي الختام أوصي الفضلاء بالآتي:

١ – العمل على تقوية ملكاتهم العقلية من خلال التدريب على القراءة المتصلة والمتقطعة بهدف التعوُّد على تذكر رأس النص إذا حصل ما يقطع اتصاله.
٢ – العمل على التعليق على التدبر في النص المقروء ومعايشة نصوصه ومعانيه؛ فهذا من أهم ما يُذهب عن القارئ التشتت والشرود.



وحرَّره
أبو عمر الأزهريُّ
عميد المعهد القرآنيِّ العالي
حامدًا ربَّه ومُصليًا على نبيِّه ﷺ

You may also like

Leave a Comment

المعهد القرآني العالي هو مؤسسة تعليمية متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، ملتزمة بتخريج طلاب متمكنين في تلاوة وحفظ الكتاب العظيم وفق أحكام التجويد.

يسعى المعهد إلى تعزيز فهم الطلاب للقرآن من خلال دراسات معمقة تشمل التفسير والعلوم القرآنية، مما يمنحهم بصيرة أعمق في معاني الآيات الكريمة.

يقدم المعهد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة، حيث يتم التركيز على تنمية الروح الإيمانية والأخلاق الحميدة لدى الطلاب، مما يساعدهم على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.

Edtior's Picks

Latest Articles

المعهد القرآني العالي – جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٤