الخميس, يناير 2, 2025
Home » ما يترتَّب على عدم تنفيذ المنهجيَّة العلميَّة

ما يترتَّب على عدم تنفيذ المنهجيَّة العلميَّة

كتبه أبو عمر الأزهري

إن عدم تطبيق المنهج العلمي الذي تتبناه إدارة المعهد من أعظم الأخطار التي تعود بالسلب على الكيان العلميِّ للمعهد؛ لأن هذا الأمر من شأنه أن يخرِّج طلابًا ضعاف المستوى، معدومي الحفـظ؛ لأنه لا يسير على فصول، ولا يقف على أرض ثابتة لها أصول، وقد يحصل هذا الخلل الكبير في البيئة التعليميَّة بسبب أن الإدارة العلميـَّة لم تبيَّن المنهج الذي اختارته ليكون طريقًا لتحقيق هدفها المنشود، وهذا خلل عظيم من القيادة؛ لأنه يدلُّ على أن الإدارة ليست على قدر المسؤليَّة، وليست مستشعرة لما أُلقي على عاتقها من قضيَّة، وهذه بليَّة من أعظم البلايا؛ لأن الخلل ناشئ من الرأس، وهذا أمر من شأنه أن يضرَّ بالبدن كلِّه، وعلاجها باختصار يتمثل في أحد أمرين:

1 – أن تُنصح الإدارة العلميَّة القائمة على شأن العمل بالبيان الدَّائم للمنهج العلميِّ الذي تتبناه إدارة المعهد، فيتم بيانه بيانًا عامًّا مطوَّلًا في البداية لكلٍّ من الهيئات الثَّلاث، وذلك في جلسة الافتتاح والبدء التي تكون في أول يوم في الفصل الدراسيِّ، وهذا البيان لابد أن يراعى فيه ما يلي:

أ – أن يكون وافيًا كافيًا شافيًا، فلا يصح أن يكون بيانًا ناقصًا؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، كما أن المجهود الذي يبذله المسئول عن العمل في بيان المنهج العلمي الذي يقوم عليه النظام العامُّ يوفِّر عليه جهده، لأن البيان بعده سيكون من باب المتابعة للعمل؛ لأن المشاركين قد فهموا المنهج بدقَّة، فلا سبيل إلى الوقوع في الخطأ، ولا مناص عن إصابة الهدف؛ فالقائم على أمر العمل قد فصَّل المجمل، وبيَّن المبهم، وأوضح الخفي – الذي لا يُوصل إليه إلا عن طريق السؤال – بطريقة كافية القدر، شافية لما في الصدر.

 ب – أن يكون بأسلوب واضح يصل إلى أذهان المشاركين؛ فإن الأمر إذا كان بالأساليب التعقيديَّة، والألفاظ القويَّة فإنه لا سبيل إلى فهمه وإداركه بطريقة سويَّة، وهذا على خلاف المقصود؛ لأن هدف البيان أن تصل فكرة العمل إلى عقول المستمعين، وأذهان الطَّالبين؛ ليعمل كلُّ فردٍ من الأفراد عن علم وبصيرة، فربما وجدنا بعض المعلمين يعمل بطريقةٍ مخترعةٍ من رأسه لا تمتُّ بصلة قريبة أو بعيدة إلى طريقة العمل في المعهد، فإذا وُجه إليه السؤال الطَّبيعيُّ المناسب لهذا الحال: لماذا تعمل بغير الكيفيَّة المتَّفق عليها؟ فربما قال مجيبًا: هذا ما فهمته من عرض إدارة المعهد لنظم العمل في المجموعات.

فيجب على الإدارة العلميَّة أن تنزل من مكانتها في البلاغة والفصاحة لتُحدِث الناس بما يفقهون، وبأسلوبٍ سهلٍ يتَّسم بالوضوح، وهذا في الحقيقة عين البلاغة، وعقل الفصاحة؛ لأنها تعني: مهارة توصيل المعنى إلى ذهن المستمع بأقل العبارات، وأوضح الألفاظ، بعيدًا عن الحشو الزائد، والتطويل المملِّ، والتَّكلُّف في العبارات، والتنميق في الكلمات، فليس أيسر من اليُسر، ولا أوضح من الوضوح ؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ما أنت بمحدث قـوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة”.

2 – أن تتابع الإدارة العلمية – حال بيانها المنهج العلمي – فهم جميع المشاركين لما يتم بيانه؛ لأن الأصل أن العمل بالمسموع يتوقف على فهمه بالطريقة الصحيحة، فلا سبيل لإدراك الهدف من خلال تطبيق المنهج المقرَّر إلا إذا تيقنت الإدارة العلميَّة من فهم الجميع للمنهج المتبع في العمل، وهذا يستلزم أن يختبر المشرف والمدير المشاركين في كيفيَّة تطبيق المنهج، ولا يستكثر أن يسأل الطلاب؛ فلربما حمل الطالب هذا النور إلى أماكن الظلام، ليفتق نور العلم ظلمات الجهل، ليكون سببًا في نشر الخير إلى ربوع الدُّنيا، وقد رأيت طلابًا كانوا معنا في بعض الأعوام ضمن الهيكلة الطُّلابيَّة، فصاروا بعد ذلك من المعلمين في فروع العمل المختلفة، بل ومنهم من تولَّى أمر الإشراف والمتابعة على الحلقات في بعض الفروع التي يكون سببًا في فتحها، فلابد من تفهيم المنهج العلميِّ للكافة.

You may also like

Leave a Comment

المعهد القرآني العالي هو مؤسسة تعليمية متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، ملتزمة بتخريج طلاب متمكنين في تلاوة وحفظ الكتاب العظيم وفق أحكام التجويد.

يسعى المعهد إلى تعزيز فهم الطلاب للقرآن من خلال دراسات معمقة تشمل التفسير والعلوم القرآنية، مما يمنحهم بصيرة أعمق في معاني الآيات الكريمة.

يقدم المعهد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة، حيث يتم التركيز على تنمية الروح الإيمانية والأخلاق الحميدة لدى الطلاب، مما يساعدهم على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.

Edtior's Picks

Latest Articles

المعهد القرآني العالي – جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٤