الأحد, أكتوبر 27, 2024
Home » المشكلات والحلول 1

المشكلات والحلول 1

كتبه أبو عمر الأزهري

الغياب في الحلقات القرآنيَّة

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.

وبعد: فقد ظهرت في الأيَّام الأخيرة ظاهرة كثرة غياب بعض الأفراد المشاركين في العمل القرآنيِّ بصورة مزعجة وجب معها البيان؛ لأنَّ الغياب من أسرع ما يقضي على الأعمال النَّاجحة، ومن أكثر ما يُثبِّط النَّماذج الصَّالحة؛ فأثره على العمل كلِّه سلبيٌّ؛ فمعه ينسى الطَّالب، ويملُّ المعلِّم، وتقلُّ الأعداد المتفاعلة، ويدبُّ الكسل في العمل؛ وهذا البيان للمعالجة.

ألا اعلم أيُّها الموفَّق أنَّ علاج هذه المشكلة يمرُّ بأكثر من مرحلة، ويمكن ذكرها في الآتي:

أولا: البحث في أسباب الغياب والتَّفلُّت من العمل القرآنيِّ؛ ويمكن بيانها في الأسباب الآتية:

1 – عدم مناسبة الوقت لتأخُّر نومه مع تقدُّم وقت الحلقة مثلًا فسارع في ترتيب الوقت الأنسب لرفع العبء وإلزامه بالاستقامة.
2 – عروض الشَّواغل الضَّروريَّة فإن كانت مؤقَّتة فيُتحمل غيابه ما لم يتجاوز مدَّة ثلاثة أيَّام، فإن زادت عن ذلك رُتِّب له وقت يُناسب عرضه حتى لا يتوقف.
وأمَّا إذا كانت الشَّواغل دائمة في توقيت حلقته فيتمُّ تغيير وقت الطَّالب بنقله إلى مجموعات مسائيَّة أو صباحيَّة على نحو يُناسبه؛ بهدف إعانته على الاستمرار والمواصلة.
3 – عدم التَّوافق النَّفسيِّ والقلبيِّ بينه وبين المعلِّم؛ فتتدخَّل الإدارة الإشرافيَّة من أجل إزالة الحواجز النَّفسيَّة بينهما بعد معرفة السَّبب الجوهريِّ، فربَّما كان بسبب تعالي المعلِّم، أو شدَّته، أو وقوعه في بعض المواقف، وربَّما كان الطَّالب مثاليًّا فوق المثاليَّة فيطلب كمالًا لا يتحقَّق إلَّا في نموذج فريد نادر، فتُزال هذه المعاني، ويتمُّ الإصلاح ما أمكن، فإذا شقَّ واستحال تمَّ التَّفريق بينهما بتحويل الطَّالب إلى معلِّم آخر؛ لإعانته على الحضور والتَّفاعل.
4 – نفرته من المعلِّم لوقوع خلل إداريٍّ أو تعليميٍّ في الحلقة بينه وبين المعلِّم فيجب التَّحقُّق من قيام كلٍّ منهما بدوره على الوجه الأكمل الأتمِّ، وما ثبت من تقصير أحدهما فيُتعامل معه بما يُناسبه.
5 – تقصير الطَّالب وإهماله وعدم المبالاة بالحلقة القرآنيَّة بما ينتج عنه عدم التزامه بالتَّكاليف التَّعليميَّة، وكثرة غيابه، وترك الاعتذار المسبَّق المعلَّل، وتأخُّره في الرَّدِّ على الرَّسائل التي تُوجَّه إليه من المسئولين عنه، فلابدَّ من الوقوف مع هذا الطَّالب موقف المعالج المصلح بتوجيه توجيهًا مباشرًا إلى التَّخلِّي عن هذا المنهج في التَّعامل، وتوجيهه إلى المسلك الصَّحيح، فإن استجاب فهو المطلوب، وإلَّا تمَّ فصله من العمل إذا تجاوزت أيَّام غيابه المدَّة المقرِّرة.

ثانيًا: المتابعة التَّحفيزيَّة من الإدارة الإشرافيَّة من خلال المرور المنضبط المنتظم المتتابع على المجموعات لتوجيه ألفاظ التَّشجيع، وإشعار المشتركين جميعًا بالقرب والمتابعة والمعاهدة، مع الاستماع إلى مشكلاتهم وعلاجها واتِّخاذ ما يلزم من قرارات فوريَّة تُسهم في الاستمراريَّة والمواصلة بما لكلٍّ من المدير والمشرف من صلاحيَّات في اتِّخاذ ما يلزم لإقامة العمل، فإنَّ التَّقصير في المتابعة يُخلِّف كثيرًا من المشكلات التي تتراكم حتى يقع انفجار عظيم، فالبدار البدار.

ثالثًا: نشر قانون العمل وضوابط التَّعليم في المجموعات مكتوبة ومسموعة مع المبالغة في إظهار ما يتعلَّق بنظام الحضور والغياب؛ حرصًا على وضوح منهجيَّة العمل الإداريَّة، والتي تقضي بأهمِّيَّة الالتزام بالحضور دون تخلُّف، مع ذكر العقوبات المترتِّبة على الغياب، وتعضيدها بمبرراتها؛ حتى يُدرك المشارك أنَّ المقصد من العقوبة إعانته على نفسه وتوجيهه نحو ما يُصلحه، وليس التَّشفي وشهوة المعاقبة.

رابعًا: تنفيذ مضمون قانون العقوبات لمن تلبَّس بأسبابها؛ فتحويل المكتوب إلى معمول به يسري على جميع المشاركين بلا استثناء هو الأسلوب الأقوم في تحقَّق الرَّدع بالقانون، فمجرَّد صدور القانون لا يكفي لإصلاح ما صدر القانون من أجله، بل لابدَّ من التَّنفيذ وبقوَّة؛ لئلَّا يتمادى المقصِّر في تقصيره اتِّكالًا على التَّراخي أو التوَّقف في تنفيذ القرارات والقوانين، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، ومن أمن التَّنفيذ ازداد في المخالفة، فعلى الإدارة الإشرافيَّة الحازمة أن تتَّخذ كافَّة الأسباب السَّابقة لإصلاح المشارك، فإن لم يستجب لعمليَّات الإصلاح مع كثرتها وتتابعها وإصراره على المخالفة والتَّخلُّف فاتِّخاذ القرار القاضي بفصله من العمل أولى من بقائه؛ إذ لا فائدة تعود على الإسلام والقرآن والمسلمين من المحافظة عليه؛ فهو غير منتفع، ويُعدُّ ثقلًا يملأ فراغًا أحد الجادِّين به أولى.

            وحرَّره
              أبو عمر الأزهريُّ
               عميد المعهد القرآنيِّ العالي
         حامدًا ربه ومُصليًا على نبيِّه ﷺ.

You may also like

Leave a Comment

المعهد القرآني العالي هو مؤسسة تعليمية متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، ملتزمة بتخريج طلاب متمكنين في تلاوة وحفظ الكتاب العظيم وفق أحكام التجويد.

يسعى المعهد إلى تعزيز فهم الطلاب للقرآن من خلال دراسات معمقة تشمل التفسير والعلوم القرآنية، مما يمنحهم بصيرة أعمق في معاني الآيات الكريمة.

يقدم المعهد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة، حيث يتم التركيز على تنمية الروح الإيمانية والأخلاق الحميدة لدى الطلاب، مما يساعدهم على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.

Edtior's Picks

Latest Articles

المعهد القرآني العالي – جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٤