الخميس, يناير 2, 2025
Home » المراحل التي يمرُّ بها الحافظ في مسابقة الماهر بالقرآن الكريم

المراحل التي يمرُّ بها الحافظ في مسابقة الماهر بالقرآن الكريم

كتبه أبو عمر الأزهري

إن التحفيز والتشجيع والدفع نحو الإتقان، ومعالجة قصور الحافظ، ومشكلات الحفظ تتحقق بالاختبار والتقييم والتقويم؛ لأنها تُعطي الحافظ تصوُّرًا شاملًا دقيقًا عن مستواه الحقيقي، من خلال تقييمه من الجهات المتابعة، كما تُعطي الهيئات الإشرافية والإدارية تقريرًا عن مستوى كل طالب، وما وقع عنده من قصور، وتعينهم على بحث موقف كل طالب ومعالجة مشكلاته التي دلَّ عليها مستواه وتقييمه، وهذا ما يُعرف بالتقويم بعد التقييم.

من هنا حرصت عمادة المعهد القرآني العالي للحفظ والمدارسة على اعتماد الاختبارات المتعدِّدة للوفاء بهذه الفلسفة، فكانت الاختبارات المرحلية، والفجائية، والفيصلية من خلال تقرير مسابقة الماهر بالقرآن الكريم كوسيلة تتشارك فيها جميع الهيئات التعليمية والإشرافية والإدارية في تقييم وتقويم الحفظة؛ بغية تنويع الفائدة، وتزويد المشارك بالمعارف المختلفة، والتدليل على تفاوت المختبرين وتعدُّد طرق التقييم، وإزالة الحواجز الإسمنتية التي تحول بين الحافظ والثبات الانفعالي والاتزان أثناء مسيرته التعليمية، وغير هذا من الفوائد.

وقد عملت عمادة المعهد القرآني العالي للحفظ والمدارسة على تقرير مراحل المسابقة بما يُحقِّق الهدف والغاية منها؛ فتمَّ تقسيم المسابقة إلى أربع مراحل يمر بها عموم الحفظة؛بهدف تكثير عدد المختبرين والمقيِّمين؛ بغية اكتساب الخبرة، وإزالة الرهبة، وتكثير الفائدة، وتنميَّة الملكة، وهذا بيانها:

الأولى: التهيئة: تسند فيها مهمة الاختبار إلى المعلمين بالتناوب بين المجموعات، بحيث يختبر كل معلم غير مجموعته الخاصة، عن طريق التبادل، ويقوم المعلمون في هذه المرحلة بدور التهيئة من خلال توجيه الأسئلة إلى الحفاظ في محفوظهم بهدف تعويدهم على الاختبار، وتهيئتهم نفسيًّا ومعرفيًّا ومعنويًّا لخوض المنافسة، وينعقد الاختبار في أثناء انعقاد حلقة كل حافظ من خلال تخصيص آخر 10 دقائق لذلك، بإضافة المعلم المختبر إلى المجموعة، وقيامه بالانضمام للمحادثة في آخر وقت الحافظ؛ فلا نشغل الأطراف بالعمل والاختبار في غير وقت العمل، ولا يترتب على اختبار هذه المرحلة إقصاء لأحد المشاركين، وإنما غاية هذه المرحلة تهيئة المشارك لما هو قادم، وبالتالي فلا حاجة إلى رفع تقرير للجهة الأعلى بأسماء المرشحين للمرحلة التالية، فجميع الطلاب يقع لهم الاختبار في مرحلة التهيئة، وكذلك في التي تليها، وإنما يُتكفى برفع تقرير عن أجواء المسابقة في هذه المرحلة، وما فيها من إيجابيات وسلبيات، وتتابع جميع الهيئات الإشرافية والإدارية وقائع هذه المرحلة بالمرور والمتابعة.

الثانية: الاكتشاف: وتُسند للمشرفين العلميين لكل مجموعة عامة بالتبادل بينهما لاختبار عموم طلاب المجموعة المقابلة لمجموعة متابعتهم، ويتعقد الاختبار في أثناء انعقاد حلقة الطالب مع معلمه، وذلك بإضافة المشرف العلمي إلى مجموعات تقييمه، ويتفضل بالانضمام للمحادثة في آخر 10 دقائق بهدف المتابعة وإجراء التقييم، ويتم تبادل المواقع والمسئوليات في هذا اليوم بين المشرفين التابعين للإدارة الواحدة، فلا يطالب المشرف العلمي بمتابعة مجموعة متابعته الدائمة، بل يتحول إلى المجموعة المقابلة متابعة وتقييما؛ حرصا على إجراء المرحلة في وقت الحافظ، فلا يُطالب بتوفير وقت آخر، ولا يُجهد المشرف العلمي بتوفير وقت في غير وقت العمل، وهذه المرحلة اكتشافية ففيها يقع اختيار المشرفين لجملة من المشاركين قد توفر فيهم الإتقان، والحفظ، والحرص؛ لترشيحهم للارتقاء للمرحلة التالية، من خلال إمداد مدير المجموعات بتقرير بأسماء المرشحين، وتعلن أسماؤهم في المجموعة الخاصة بالمجموعة العامة، ثم يرسِل المدير ذات التقرير إلى المدير التعليمي الزائر المسئول عن إجراء المرحلة التالية مع إضافته للمجموعات تمهيدا لقيامه بمهمته، وهكذا يحصل في كل إدارة.

الثالثة: التصفية: وتُسند لمديري المجموعات بالتبادل فيما بينهم فيقوم كل مدير باختبار مجموعة أخيه الذي اتفق معه في توقيت العمل؛ فيقع التبادل بين مدير الفقهاء والقراء، وكذلك بين مدير الشعراء والفقهاء؛ فيقوم كل مدير بتقييم المجموعات المسندة إليه، ويُكلَّف المشرفان العلميان بالتواجد مع المدير الزائر وتسهيل دخوله للحلقات؛ فالتقييم يقع في ثنايا الحلقة، ولا يحتاج أن يُخصِّص له المدير وقتا؛ بل يتم نقل المدير كليًّا من مجموعاته في هذا اليوم الذي يُجري فيه هذه المرحلة، ويكون مكلَّفا بمتابعة المجموعات التي أسندت إليه مكان أخيه، والعكس صحيح، ومن ثم يقوم باختبار عموم طلاب المجموعة العامة، بهدف الاطمئنان على مستوياتهم، وتقديم الوصية والنصيحة لمن يحتاجها، مع تقييم المرشحين تقييم المسابقة لاختيار من يصلح منهم للترقي للمرحلة التالية.

الرابعة: التصعيد: وتسند لعمادة المعهد القرآني العالي للحفظ والمدارسة لاختبار عموم الطلاب المصعَّدين من عموم المجموعات بعد اختبار هيئة الإدارة والإشراف العلمي، ويكون بنظام: (الاختبارات العلنية العامة) عبر غرفة الزووم الخاصة بالمعهد، ويُدعى لها جميع المشاركين، بخلاف الاختبارات في المراحل السابقة فتكون بنظام: (الاختبارات السرية الخاصة) حيث لا يحضر الاختبار سوى المقيِّم والمقيَّم فقط، وفي هذه المرحلة يكون الاختبار للمصعَّدين فقط، وفق جدول زمني يُحدَّد فيه زمن اختبار كل طالب، من خلال نشر أسماء المصعَّدين وأوقات اختبارهم في كشوف تنشر على المجموعات، وعليه فيلزم رفع المديرين التعليميين تقريرهم بأسماء المصعَّدين قبل انتهاء وقت عملهم؛ هكذا:

1 – فالإدرات الصباحية ترفع تقريرها قبل صلاة الظهر، ويكون اختبارهم في اليوم التالي مباشرة، في المجلس الثاني من مجالس التصعيد والحكم.

2 – وأما الإدارات المسائية فترفع تقريرها قبل منتصف الليل من ذات اليوم، وينعقد اختبار طلابهم في المجلس الثاني من مجالس التصعيد والحكم، أي بعد يوم من رفع التقرير.

وفي هذه المرحلة يتم اختيار أميز المصعَّدين، ممن توفر فيه الحفظ المتصل، والأداء الصحيح، واليقظة بإدراك التشابه القرآني بتميز وإجادة، ثم يتم ترتيب المصعَّدين جميعا ترتيبًا مركزيًا، وتنشر كشوف النتائج في لليوم التالي للمجلس الثاني من مجالس التصعيد والحكم، ويتم عقد مجلس للتكريم وتحليل نتيجة المسابقة، والتعرض لما وقع في ثنايا المسابقة من الإيجابيات والسلبيات مع تقديم جملة من الوصايا للجميع ليكون القادم أفضل وأجمل إن شاء الله تعالى.

فهذه جملة من التنبيهات تسعى لمعالجة ما يقع من مشكلات في مسابقة الماهر بالقرآن الكريم في نسخها المختلفة؛ من تخلف البعض عن الاختبار، أو ضيق الوقت عن رفع التقارير، أو تأثير المسابقة على الحلقات، أو تعويض مرحبا اعتذر لأن هذا النظام لم يسمح لأحد بالاعتذار؛ فالمقيِّم يكون يجتمع مع المقيَّم في وقت انعقاد حلقته، فلا مجال للتفلُّت أو الاعتذار، مع تلاحم المراحل وعدم ترك فاصل زمنيٍّ بين كلِّ مرحلة لتعويد المشاركين على حضور الحفظ، وإزالة ما في عقولهم من فكرة ضرورة الاستعداد لكل مرحلة قبلها بيوم أو أكثر؛ فإن الحفظ الذي لا يخدم صاحبه من مراجعته الأيام والأسابيع لا ينفعه إذا راجعه في يوم وتفرغ له، كما أن الإعلان عن المسابقة قبلها بنحو 5 أيام يضمن لمن رغب في المراجعة الوقت الكافي، ومن لم يستثمر الحدث في التحفيز والدفع للتجهيز من الآن فلا يفيده أن يُترك زمنًا طويلًا، واغتنام فرصة حماس الحافظ بتوالي المراحل أولى من الفواصل التي تبرِّد حماسه، وتطفي شعلته.

ملحوظة: يدخل التجويد العملي مجال التقييم عن طريق إلزام المشاركين بالقراءة التجويدية الصحيحة، فعلى الجميع متابعة الأداء الصحيح والاستعداد لهذا، وتُخصَّص نسبة 20% للتجويد التطبيقيِّ.

You may also like

Leave a Comment

المعهد القرآني العالي هو مؤسسة تعليمية متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، ملتزمة بتخريج طلاب متمكنين في تلاوة وحفظ الكتاب العظيم وفق أحكام التجويد.

يسعى المعهد إلى تعزيز فهم الطلاب للقرآن من خلال دراسات معمقة تشمل التفسير والعلوم القرآنية، مما يمنحهم بصيرة أعمق في معاني الآيات الكريمة.

يقدم المعهد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة، حيث يتم التركيز على تنمية الروح الإيمانية والأخلاق الحميدة لدى الطلاب، مما يساعدهم على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.

Edtior's Picks

Latest Articles

المعهد القرآني العالي – جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٤