الأحد, أكتوبر 27, 2024
Home » التَّفاعل أهمِّيَّته وأنواعه

التَّفاعل أهمِّيَّته وأنواعه

كتبه أبو عمر الأزهري

إنَّ التَّفاعل مع ما يُنشر من مكتوب ومسموع = غاية النَّشر، وبه يتحقَّق للراسل تغذية راجعة تُوحي بحصول الغاية من الإرسال، وتتحقَّق الفائدة للمرسَل إليه بمطالعة مضمون الرِّسالة، وتُقام الحجَّة على المطالع بمجرَّد اطِّلاعه، فإن قال لم أفهم أنَّ الاطِّلاع مُلزم للعمل بالمضون لم يُعتدَّ بقوله؛ قال تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩]

والتَّفاعل على نوعين:

الأول: التَّفاعل الإيجابيُّ: وفيه يحصل ردٌّ من المُرسَل إليه يُفيد الاطَّلاع وإثبات الموقف، وهذا لا يُغني فيه فرد عن الآخرين، فليس على الكفاية، بل على العين لزومًا، فكلٌّ برأسه ونفسه، وهو على ثلاثة أنواع:

1 – تفاعل بالتَّعليق بما يُشعر المرسِل باطِّلاعك.
2 – تفاعل بالحضور والحرص على عدم الفوات.
3 – تفاعل بالمشاركة والسُّؤال، وهذا أعلاها.

الثاني: التَّفاعل السَّلبيُّ: وفيه يكتفي المرء بالاطِّلاع على مضمون الرِّسالة دون إظهار موقفه، فلا يتحقَّق باطِّلاعه التَّغذية الرَّاجعة الدَّالة على تأثُّره وانتفاعه بمضمون ما اطَّلع عليه، وقد يقع من المشغول والمتشاغل والكسول والمتكاسل، ولا يقع من حريص يُقدِّر الآخرين، فليسه من التَّمام، والمُتفاعل يُنزِّه نفسه عن التَّغافل.

وإنَّما عددتُّ هذا النَّوع من التَّفاعل لأنَّ فيه يقع الاطِّلاع الذي يُرجى منه تحقيق المنفعة والفائدة، فقد ينتفع المرء مع صمته لعجزه عن البوح بذلك عن طريق التَّرقِّي في التَّفاعل بالتَّعليق والاستدراك والمناقشة.

وأما التَّغافل عن الاطِّلاع على مضمون الرِّسالة فليس فيه ذرَّة من ذرَّات التَّفاعل، وهو غير جائز من النَّاحية الإداريَّة، لاسيِّما في مجموعات العمل التي تحتاج إلى تفاعل ومشاركة، وفيه معنى الاستغناء الذي يُحمل على الكبر أو الجهل أو الانشغال أو التَّشاغل.

والحق_أقول: إنَّ في التَّفاعل تقديرًا للغير، وتعظيمًا للجهد، وإعانة للنَّفس، وارتقاءً في المعاملة، وليس فيه ما يشغل المشغول، أو يحرق الأوقات؛ فيكمن الأخذ بحدِّ القلَّة لمن تحقَّق له الانشغال الشَّديد، ومن زاد زيد له من الخير؛ لأنَّه يُدرك ما لا يُدركه المقلُّ.

والعجب كلُّ العجب ممَّن يدَّعي الانشغال ثمَّ يجلس بالسَّاعات الطَّويلة على: YouTube أو: Facebook فيحرق عمره في مطالعة ما لا يعود عليه بنفع في دينه أو دُنياه، فاحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز؛ فالعاجز عن نفع نفسه أعجز النَّاس، وليس بين المتفاعل والعلم إلَّا التَّرقِّي في مدارج الفهم والإدراك، فتفطَّن وتأمَّل.

                       وحرَّره
                       أبو عمر الأزهريُّ
                عميد المعهد القرآنيِّ العالي
           حامدًا ربَّه ومُصليًا على نبيِّه ﷺ.

You may also like

Leave a Comment

المعهد القرآني العالي هو مؤسسة تعليمية متخصصة في تحفيظ القرآن الكريم ومدارسته، ملتزمة بتخريج طلاب متمكنين في تلاوة وحفظ الكتاب العظيم وفق أحكام التجويد.

يسعى المعهد إلى تعزيز فهم الطلاب للقرآن من خلال دراسات معمقة تشمل التفسير والعلوم القرآنية، مما يمنحهم بصيرة أعمق في معاني الآيات الكريمة.

يقدم المعهد بيئة تعليمية داعمة ومشجعة، حيث يتم التركيز على تنمية الروح الإيمانية والأخلاق الحميدة لدى الطلاب، مما يساعدهم على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.

Edtior's Picks

Latest Articles

المعهد القرآني العالي – جميع الحقوق محفوظة © ٢٠٢٤